كواليس غرفة طوارئ – قصة قصيرة

كواليس غرفة طوارئ – قصة قصيرة

صوتُ رجلٍ كبيرٍ في السن يصرخ متذمراً بشدة في غرفة الطوارئ وبجانبه ممرضتان من جنسية أجنبية

الشايب: آااااااااي.. خلاص هدوني .. هدوني مي حالة دي خرقتوا اياديي صارت كنها مشخال ماتسوا علينا نتفة هالمغذي.. خلاص لاحد يقرب هونت مابغا

تدخل الممرضة زينب: السلام عليكم حجي سلامات عسى ماشر؟؟

الشايب: إيه .. عدل.. ممرضة زيادة روحوا جيبوا دكتور أنتون مامنكم فايدة

الممرضة: ماعليه حجي قول لي وش فيك!!

الشايب: لا أقولش ولا تقولي لي .. إذا الأجانب ماعرفوا يصيدوا هالعرق صارليهم نص ساعه انتين وش بتسوي

تتكلم الممرضة الأجنبية بنفاذ صبر: خلاص جحي استنا شوية تاني نفر يجي

صرخ الشايب: جحي!! .. جحجحوش إن شاء الله.. بعد.. فوق مانك مخبقة أياديي تسميني جحي ليش شايفة ونيت الجح مصفط على الباب وش عرفكم انتون للعربي اذا العرب مولهناك في اللغة ماعليكم شره انتون…

أمسكت الممرضة بالإبرة وأمسكت بيد المريض قائلة: ماعليه حجي أنت استريح الحين عشان المغذي

يصرخ الشايب: جيبوا لي أحد يصيد هالعرق أول عشان استريح بعدين نفكر في المغذي

الممرضة: دانا ياحجي ركبتلك الإبرة خلاص

ينظر الشايب ليده وفعلاً كانت الممرضة قد استطاعت تركيب الإبرة ببراعة وخفة يد دون أن يحس

هدأ فجأة وقال بقليل من الحرج: ها.. ماشاء الله عليش يابتي اللهم صل على محمد وآل محمد .. تصدقي ماحسيت لش.. انزين كان جيتي من أول مخلية هالأجانب يلعبوا بحسبتي

الممرضة: مو أنتون ياحجي ماتعطونا فرصة وماتثقوا إلا في الأجانب وتخافوا من بنات البلد تفكرونا جايين نتدرب عليكم وبعض الأحيان تنحرجوا منا، كأنه بس أحنا حريم والأجنبيات مو حريم

الشايب: الله يكثر من أمثالش يابتي.. الله يكثر من أمثالش والنعم فيكم والنعم

الممرضة: أنت يبه استريح الحين واسترخي وقولي وش تبغا اشغلك تلفزيون ولا تبغا تغفي لك شوي أو وش رايك أجيب لك كتاب الله تقرا لك جزء على بال مايخلص المغذي

يدخل رجل بدين بسرعة في حالة هلع شديدة: جيبوا لي دكتور بسرعة .. وييييين الدكتور؟؟

الممرضة: سلامات أخوي وش فيك!

البدين: أنتين سستر.. زين بسرعة شوفي لي سرير وجيبي لي هذه مالت الصعق الكهربائي

الممرضة بجدية: صعق كهربائي!! ليش؟؟ معاك أحد مصاب بنوبة؟؟ وين هو؟؟في السيارة ولا عند المدخل؟؟

البدين: لا .. لا حقي أنا

الممرضة بتعجب: أخوي أنت مافيك إلا الخير.. قصدي مو وياك نوبة .. يعني ماتحتاج صعق كهربائي!!

البدين: مو حقي.. حقهم يا أختي حقهم

الممرضة: حق من؟؟

البدين: حق الجني اللي فيني

الممرضة: استغفر الله العظيم!!

البدين: جد أتكلم لازم نلحق عليه قبل لايموت

الممرضة: لو سمحت أخوي أنت جاي غرفة الطوارئ في حالات هني تحتاج رعاية ومتابعة

البدين: وأنا حالة خاصة ياسستر صدقيني .. فيه جني فيني

الممرضة: إنا لله وإنا إليه راجعون

البدين: صحيح أتكلم .. افهميني مافي وقت.. تقلبت وأنا نايم وشكلي نمت عليه والظاهر أنه اختنق مايتحرك

اعتدل له الشايب: وشو..ههههههه.. لاحول.. أنت شارب لك شي ياولدي شكلك شارب ماي نخج بايت هههههه

البدين: صدقوني ياناس أحس جسمي كله يرجف وأطرافي منملة من قعدت الوضع مو طبيعي

ابتسمت الممرضة قائلة خلاص أخي استريح على الكرسي لاتوقف الحين أناديلك الدكتورة المناوبة

خرجت الممرضة لاستدعاء الدكتورة وجاءت إحدى الممرضات الأجنبيات لقياس ضغط البدين

نظر الشايب للبدين وقال: إيوه .. قلت لي نمت على الجني وكتمت نفسه ومات هههههه المفروض تنتبه ياولدي ماتنام وبس

البدين: إي والله ياحجي صار لي يومين من سويت ريجيم وأنا أحس بدوخة وأطرافي منملة وجسمي كله قاب علي حتى صرت أسمع أصوات تكلمني

ضحك الشايب: هههههه إنالله .. الله يهديك ياولدي هذه هلوسات من قل الأكل أي جن وأي خرابيط

البدين: بس وأنا نايم ياحجي حسيت روحي مخنوق وماقدرت أتحرك بغيت أفطس وقام الجني يتكلم في داخلي ويقول قوم عني خلاص خنقتني خنقتني .. شوي وقعدت حسيت ببرودة ودوخة موطبيعية وأخاف الحين اني قتلت الجني ويجو اهله ينتقموا مني

الشايب: لاحول ولاقوة إلا بالله… هذا اللي جاك جاثوم ياولدي والدوخة اللي فيك شكلها من الريجيم اللي مسويه .. خوفتنا الله يغربلك ..

البدين بإستغراب: تتوقع ان من الريجيم يعني!!

الشايب: إيه إيه وأنا أبوك شوف أنت وش متنك كنك يوكن ماشاء الله وإذا جوعت روحك أكيد بتهلوس

البدين: إن شاء الله يطلع كلامك صحيح لأني حدي خايف

الشايب: لاتخاف ياولدي الحين الممرضة راحت تجيب الدكتورة وبيكشفوا عليك ومافيك إلا الخير.. الممرضة هذه شاطرة الله يحفظها لأهلها باكلمها تكلم لك الدكتورة تعطيك برنامج غذائي يناسب جسمك وصحتك لاتخاف

البدين: إن شاء الله خير .. طمنتني الله يطمنك .. من جد الممرضة خوش بنية ماشاء الله وبيني وبينك حسيتها حبتني شفت كيف تبتسم لي

الشايب: استغفر الله العلي العظيم.. أنا من سالفة الصعق الكهربائي وأنا غاسل إيدي منك .. وش تحب فيك يالشحمة أبو الجنانوه.. هذا انتون من تضحك في وجهك ممرضة ولادكتورة أو أي موظفة في مكان عام قلت بس حبتني.. ياولدي هي بنت محترمة الله يهديك عملها يحتم عليها تبتسم في وجيه المرضى الهوسيين أمثالك عشان تحسسهم بالأمان انا اسكت عنك بس .. اخاف تشوفني اضحك واسولف وياك تفكرني حبيتك بعد هههههه

أخذ البدين يترنح وهو جالس على الكرسي ثم قال: آه راسي .. قلبي.. رجولي

وسقط من على الكرسي

نهض الشايب بسرعة وأخذ يهز البدين: قوم.. قوم لاتسوي لينا فلم هندي ياولد الناس.. لاحول وش هالبلشة

البدين وعيناه ترمشان: خلاص ياحجي اليوم يومي خلاص مابقا كثر مامضى.. أوصيك قول لأهلي يكتبوا بيتين هالشعر على قبري

مسامح كل الخلايق ويشهد المعبود
ما عشت في دنيتي لحظه.. كأنيّ.

إلا من اغتابني وأنا ماني موجود
ومن في حضرتي بجوره ظلمني

الشايب: إنا لله وإنا إليه راجعون .. ماخليت أحد ياولدي هههههههه اللي حشوا فيك من وراك واللي ظلموك قدامك …هذه البشر مابقا أحد هههههه أنا ابغا اعرف سامحت من !! ههههه قوم بس الله يهديك قوم ترا أن طحت بنخليك محلك ماحد يقدر يشيلك

واغمي على البدين

صرخ الشايب: ياسستر.. ياسستر لحقوا عليه هكو غمر

دخلت زينب بسرعة ومعها دكتورة من الجنسية المصرية

صرخت الدكتورة: إيه فيه إيه مالوا الشب ده

الممرضة زينب: هذا المريض اللي قلت لك عنه

الدكتورة: استغفر الله العلي العظيم من كل ذنب عظيم.. شيلوه فوق السرير

هرعت زينب بسرعة ممسكة بالبدين من يديه تحاول رفعه

صرخ الشايب: خليه يابتي مجنونة انتين.. هذا لو تشيليه متي مكانش وش يشيله ده يبغاله ونش أو رافعة شوكية عل الأقل …ترا مافيه شي بس مجوع روحه يبغا يضعف وصار له يومين موماكل

الدكتورة: بسرعة ياسستر هاتي مشروب حلو

بسرعة جلبت الممرضة مشروب حلو وقامت بسقيه للبدين حتى أفاق

البدين: آه.. آه وين أنا.. أنا وين

الشايب: أنت الحين تحت الأرض وأنا أبو الجني اللي فطسته جاي انتقم منك وااااهاهاهاها

الدكتورة: يا أستاز جحي مايصحش اللي انته بتعملوا

صرخ الشايب: جحي وييييش

ونزع الشايب إبرة المغدي قائلا: الشره عليي جاي ليكم هني يلا مع السلامة

الممرضة زينب: وين ياحجي الله يهديك لسه المغدي ماخلص!

الشايب: مابغا مغديكم عطوه هالدب أنا باروح اشتري لي جحة من السوق وباكلها

وخرج الشايب وهو يتمتم بعصبية

نظرت الممرضة للبدين وقالت: أخوي أنت بخير الحمدلله بس سكر جسمك انخفض عشان كذا جتك الهلوسة والدكتورة مابتقصر وياك إن شاء الله

البدين: الحمدلله .. الحمدلله.. رحم الله والديكم ماقصرتوا انقذتوا حياتي

الدكتورة: لاشر عليك يابني دلؤتي ترتاح ع السرير ونحطلك مغذي وحاكتبلك موعد تراجع فيه الدكتور يعملك نظام غذائي يناسبك إن شاء الله

طلبت الدكتورة من إحدى الممرضات الأجانب الاعتناء بالبدين وأخذت زينب على جنب قائلة: إيه يابنتي مالك مش على بعضك اليومين دول

احمر وجه زينب وقالت: ها.. لا مافي شي شدعوه

الدكتورة بخبث: علينا الكلام ده.. دنتي زي بنتي وعرفاكي قولي فيكي إيه

أنزلت الممرضة رأسها بحرقة وقالت: لا بس الشاب اللي تقدم لي ماحصل نصيب

الدكتورة: الخيرة فيما اختاره الله يابنتي ربنا يعوضك ماتضيقييش نفسك الزواج قسمة ونصيبة

الممرضة زينب: ونعم بالله .. إني عارفة انه قسمة ونصيب بس اللي يحز في الخاطر انه النصيب أحياناً يتعطل عشان إني ممرضة

الدكتورةبإستغراب: ليش إن شاء الله !!

الممرضة: مو شرط علي إني أترك التمريض واقعد في البيت

الدكتورة: ليه كفا الله الشر

الممرضة: يقول شغلة التمريض فيها اختلاط بالرجال المرضى والموظفين وهالكلام يعني

الدكتورة: استغفر الله العظيم.. الناس دي لو تيجي عندنا هنا وتشوف احنا بنعمل إيه ماقالتش الكلام الفارغ ده دحنا بنشتغل في أشرف مهنة بنعالج الناس المحتاجة وننقذهم ماتشيليش هم يابنتي بكرا يجيلك اللي أحسن منهو دنتوا بلدكم ماشاء الله فيها مثقفين وعقول متفتحة تحترم كيان المرأة بشكل عام وتتفهم وضع الممرضة بشكل خاص وتشجعه كمان… لو خليت خربت

الممرضة زينب: الله يجيب اللي فيه الخير يادكتورة إني مو متضايقة وإيماني بالله قوي بس الواحد أحياناً يجيه إحباط صرت أحس إني في المجتمع داخل مكان غريب والمكان الوحيد اللي انتمي له هو المستشفى هي عالمي الخاص اللي أحس فيه أن لي دور في المجتمع حتى لوكان هالمجتمع محتار في تصنيفي هل أنا مختلطة بالرجال ولا حصالة بدون ماينظر للهدف النبيل اللي قاعدة أقدمه حتى أمي اللي هي أمي تقول لي قبل فترة ماتشوفين لأخوش ممرضة نزوجها وياه كان تساعده في مصاريف الحياة يعني هذا الغرض اللي الواحد يتزوج فيه ممرضة …بس !! ماحد يفكر يتزوج ممرضة عشان الهدف النبيل اللي تقدمه للمجتمع
ألاقيها من الأهل ولا من الناس.. إن جا واحد فقير قالوا طمعان في راتبش وانا جا واحد بخير قال اتركي عملش .. آه..والعمر يمشي

قامت الدكتورة بحضن الممرضة وقالت: دنتي لسه صغيرة وقمورة زي الفل أهوه عمر يمشي إيه دانا لما تجوزت كنت أكبر منك بعشر سنين

ابتسمت الممرضة بخبث وقالت: ويش دكتورة بتسوي علي شغل مصاروه وتاكلي بعقلي حلاوة هههه انتين اصلاً اكبر مني بخمس سنين

الدكتورة: يابكاشة خمس سنين إيه دانا أكبر من أمك دنتي المصرية واللهي
ربنا يرزقك ابن الحلال اللي يريح بالك

الممرضة: الله يجيب اللي فيه الخير إن شاء الله ،، المهم دكتورتي الجميلة بغيت أسأل إذا فيه إمكانية آخذ بكرا إجازة عشان ترتاح نفسيتي شوي خخخخ…

الدكتورة: هههههه خوشي في عبي يانصابة وكلي بعقلي حلاوة زي كل مرة
وعماله تتحايلي وعامله نفسك متضايقه والزواج والمجتمع عشان تكسري بخاطري وتاخذي إجازة ها

الممرضة: ههه مو بت خالتي عيد ميلادها بكرا والبنات بيسووا ليها مفاجأة …إيه هئ هئ هئ

دخل غرفة الطوارئ إمرأة كبيرة في السن تعبة تستند على كتف ابنتها

العجوز: آه.. آه ياصدري آه

ابنتها: اسم الله عليش ياماه فيني ولافيش ياقرة عيني.. الله يهديش لو تتركي هالقدو كان احنا بخير

العجوز: يا أنا ياهو يابتي.. يا أنا ياهو

الدكتورة: استلمي.. روحي شوفي شغلك يابت وبلاش رغي وبكرا مش عاوزة أشوف وشك مفهوم روحي انبسطي

ضحكت الممرضة واتجهت للمرأة العجوز وابنتها وهي تعدل من حجابها

تمت

حسن المصوف

Leave a comment